المزيد  
الموت خارج أسوار الوطن
جهود مكافحة المحتوى الإرهابي عبر الإنترنت (فرص وعقبات)
سامو زين يوجه رسالة لبشار الأسد
أجواء رمضان بين الحاضر والماضي في سوريا
هل تتأثر سوريا بخلافات "التعاون الخليجي" الداخلية؟
قصة سوري فرقته الاتفاقيات عن عائلته
بعد بتر ساقيه صاحب المقولة المشهورة "يا بابا شيلني" يظهر بساقين بديلتين
هذا ما تطلبه المعارضة الإيرانية ضد الأسد وخامنئي

الثقافة السورية.. ظل مستقيم لعود أعوج

 
   
18:34


الثقافة السورية.. ظل مستقيم لعود أعوج

وسط الكم الهائل من الدمار والخراب الذي يحيط بسوريا من كل جانب، ووسط الصوامع والبِيع المحطمة، كان سؤال الثقافة ولا يزال حيًا، هل هي إلى اندثار شأنها شأن كل ما تم تدميره في سوريا من آثار وتراث حضاري وإنساني وحتى شخوص؟ أم أنها تحاول المواجهة والصمود أمام من يحاولون تدميرها؟ وكيف يمكن توصيف المشهد الثقافي في سوريا في الوقت الراهن؟

على مدى أكثر من أربعة أعوام هي عمر الثورة السورية، شاهد فيها الشعب السوري من الدمار والخراب ما يكفيه،كانت فيه الوضع السياسي في سوريا بمثابة "العود الأعوج"، وعلى الجانب الآخر حاولت الثقافة في سوريا أن تستقيم وتستمر، أن تتمسك بأمل البقاء والازدهار وسط الحُطام.

ولم يكن المثقفون بقاطنين لأبراج عاجية، فبعض منهم طال القتل والتدمير بيوته وأهله فهاجر مضطرًا وهو ينعي غيابه عن وطنه، ويتحمل عبء الاغتراب الذي لم يكن أمامه حل سواها، وآخرون آثروا البقاء وسط الخراب ليكونوا جزءًا منهم وليسطروا بأقلامهم كل لحظة يعايشونها أو يكونون فيها على وشك الموت.

وفي غمار الأحاديث اليومية، والخلافات والصراعات السياسية والطائفية وشتى أشكال الانقسامات في سوريا، يكون سؤال الثقافة صعبًا في ظل انصراف الكثيرين عن مناقشته ومتابعته لحساب متابعة صراعات سياسية أودت بحياة الشعب السوري وشتت أفراده، وخسر فيها أطراف عدة، وكان الموت هو الرابح الأكبر.

كثرة الإصدارات

الكاتب السوري باسم سليمان، الذي صدرت له مؤخرًا رواية بعنوان "نوكيا"، يرى أن النشاط الثقافي في سوريا مازال قائمًا، حيث لم تتوقف المسرحيات والأفلام وإصدارات الكتب والأمسيات الثقافية والملتقيات ثقافية ، وأنه على الرغم من كل هذا الدمار الذي حل بسوريا لازالت هناك مسرحيات تعرض وكتب تصدر ودور نشر تعمل.

الكاتب السوري عبد الله مكسور، صاحب روايتي "أيام في بابا عمرو"، و"عائد إلى حلب" يتبنى الرأي ذاته، إذ يؤكد أن الإصدارات الإبداعية للكتاب السوريين طوال الفترة الماضية كثيرة جدًا، فضلًا عن كثرة المجلات والصحف والمواقع الالكترونية.

وينوه مكسور إلى أن الأزمة في سوريا تكمن في تسويق المنتج الثقافي وإيجاد سوق حقيقي للمطبوعات، يساهم بشكل أو بآخر في إيجاد حالة ثقافية حقيقية تساعد المجتمعات على النهوض.

في السنوات الأخيرة كثرت الإصدارات الروائية لأدباء سوريين، وكان على رأسها رواية " لا سكاكين في مطابخ هذه المدينة" للروائي خالد خليفة، والتي وصلت إلى القائمة القصيرة للروايات المرشحة لنيل جائزة البوكر لعام 2014ØŒ  ÙˆØ±ÙˆØ§ÙŠØ©  "تقاطع نيران" للروائية سمر يزبك، Ùˆ"من لايعرف سيمون" للروائي عمر مقدور ØŒ Ùˆ" طبول الحرب" للكاتبة مها حسن، بالإضافة إلى كتابات أدب السجون على رأسها كتاب "خيانات اللغة والصمت – تغريبتي في سجون المخابرات السوريّة" للشاعر فرج بيرقدار .

ومن جهة أخرى، لم تتوقف العروض المسرحية، وعروض الأفلام والمسلسلات في سوريا، كما تأسست العديد من الروابط المعنية بالثقافة والفكر، على رأسها رابطة الكتاب السوريين والرابطة السورية للثقافة الجديدة، وغيرها.

إحصاء الخيبات

أما الروائية السورية ابتسام تريسي، صاحبة رواية  "مدن اليمام"ØŒ فتشير إلى أن الروائيين السوريين قدموا أعمالًا كثيرة خلال الأعوام الماضية حول الثورة، منها رواية خالد خليفة "لا سكاكين في مطابخ هذه المدينة"ØŒ وأيضا روايات سمر يزبك، ومها حسن، وفخرالدين فياض وآخرين، ما يدل على مواكبة المثقفين للحدث السوري رغم صعوبته.

وتشدد تريسي على أن الكتاب السوريين المنشقين عن الاتحاد، والمجاهرين بمعارضتهم لنظام الحكم، قادرون بإمكانياتهم البسيطة على مواجهة الوضع المأساوي للثقافة السورية. كما أن رابطة الكتاب، أنشأت مجلة "أوراق" بإمكانيات مادية بسيطة جدًا، وتبحث عن داعمين. وأيضا قامت بتخصيص جائزة للرواية، دعمها رجل الأعمال السوري يحيى القضماني.

وتلفت إلى أن المثقف السوري لا يملك وسط هذا الدمار حلًا لإيقاف العنف، وإنما يقتصر دوره على التوثيق والتحليل، وإحصاء الخيبات والخسارات.. وربّما فيما بعد يكون له دورًا رأب الصدع الاجتماعي، الذي خلّفته الحرب.

مؤسسات ثقافية مترهلة

الكاتب السوري مناف زيتون، صاحب رواية "قليل من الموت"، يؤكد أن الثقافة في سوريا سيئة جدًا من حيث النوع على الرغم من كثرة الانتاجات والعروض الثقافية، كما أن الحركة الثقافية السورية في الخارج لا تبدو أفضل بكثير مما عليه في الداخل، لافتًا إلى أن الجانب المطمئن الوحيد في هذا الصدد هو اتساع دوائر القراءة لدى السوريين وإقبالهم عليها.

أما القاص السوري مصطفى تاج الدين الموسى فيشدد على أنه لا يمكن الحكم على ثقافة أيّ بلد في العالم من خلال النظر إلى نتاجاته الأدبية خلال تلك السنوات، فالأمر يحتاج إلى فترات زمنية طويلة، لافتًا إلى أنه على الرغم من بروز أسماء عدة استطاعت أن تقارب الواقع السوري في أعمالها إلا أنه في المجمل الوضع الثقافي الراهن في سوريا لا يدعو إلى التفاؤل، نظرًا لخضوعه لمؤسسات ثقافية مترهلة.

ويشير إلى أن ما كتب حول الحرب في سوريا  ما زال قليلا، وخصوصا أن الكثير من الكتاب يعيشون إلى الآن في مناطق يسيطر عليها النظام، ومن استطاع الخروج، لم يتأقلم بعد مع الواقع الجديد، الأعمال الأدبية العالمية المهمة التي تناولت الحروب، أغلبها كتب بعد انتهائها.

أما الكاتبة دينا نسريني، صاحبة رواية "أمل"ØŒ فترى أن الوضع الثقافي السوري جيد في ظل الاهتمام باللغة العربية الفصحى، ووجود العديد من المعارف في المناهج التعليمية، ولكن فيما يتعلق بالفن والمنظومة الفكرية فهي تدار كما كل شيء في سوريا تحت رقابة سياسية شديدة وقف شروطٍ سنّها أناس عير مهتمون أساسًا بالثقافة. 

 

 

*بالتعاون بين مؤسسة أنا برس وصحيفة العرب اللندنية. 2014